الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية حوار مع مواطنة SDF لـيـس لهـا فـي تونـس وفـي الحيــاة عنـوان

نشر في  30 أوت 2017  (11:29)

أشهر مضت منذ رأيتها وهاجس صورتها يسكنني ولا يكاد يفارقني، كانت كخيال يائس تائه يتخبّط بين جدران الحياة بينما صرخاتها المكتومة وخطواتها المتراجعة المنحنية رسمت دهرا من تجاعيد العذاب على وجهها وجسمها الذي بدا كهيكل عظمي يكسوه التراب وما بقي من رائحة فضلات نبشتها علّها تعثر على ذاتها وماهيتها المفقودة..
حاولت القرب منها، مخاطبتها، محاورتها، أو استفسارها عن سرّ حالها المنكوب لكن للأسف لم أتمكن من ذلك وربّما لهذا ظلت صورتها عالقة بمخيّلتي وأنا أعلم أنّ العشرات من أمثالها بل والمئات يعيشون هكذا في بلادنا دون عيش ويتنفسون دون نفس ويتوّجعون دون صرخات مسموعة..
ولهذا صغت على أعمدة أخبار الجمهورية حوارا وهميا بيني وبينها، حوارا تمنيت إجراءه معها علّها تتمكن من إيصال صوتها إلى آذان باتت لا تصغي لمن في مثل حالها..

- ما اسمك وماهو عمرك؟
لا أعلم ماهو اسمي بل لا أعلم ما معنى أن يكون للإنسان اسم، أمّا عمري فيمكن أن أكون قد ولدت البارحة أو اليوم أو يمكن أنّي مازلت لم أولد بعد.. وربّما أكون ميتّة؟؟
- وما الذي أدّى بك إلى هذه الحالة، وهل نشدت المساعدة؟
حالتي باتت كحال البلاد اليوم، ولا أحد يسألني عن حالي أو يهمه لا أمري ولا أمر غيري..
- ومنذ متى وأنت على هذه الحالة؟
لم يعد لفاصل المكان والزمان معنى بالنسبة لي، بل لم أعد أعلم هل أنا موجودة أم لست موجودة كغيري من الذين يعيشون على حافة الفقر والنسيان والتهميش والظلم..
- إلى أين تتوجهين كل يوم؟
منذ زمن لم أعد أعرف وجهتي ولا الطريق الذي سيوصلني، أتنقل بين غياهب النسيان إلى أن أتعب وتغمض جفوني لكن القلب والروح لا ينامان..
- هل لديك أبناء؟
(تسكت ثم تقول): قد يكون الألم تمخّضني لينجب بشرا حُفّر ونُبّت على جبينه أجيال ومسافات من العذاب..
- ما الحياة بالنسبة إليك؟
يقولون انّ حفنة من السعادة في كفة الميزان وجبل من الحزن في الكفة الأخرى لكنّ بالنسبة لي فجبال وربى وسهول من الشقاء وضعت على كفتي ميزان حياتي..
- هل تعلمين أنّ تونس شهدت ثورة؟
ثورة؟؟ أتمنى أن تحدث يوما ما ثورة حقيقية في القلوب والعقول يومئذ فقط يمكن أن نقول انّ بلادنا شهدت ثورة.. دوام الحال من المحال..
- هل لديك رسالة تودين إيصالها؟
يقولون انّ الله عادل.. وأنا أؤمن بذلك ولكنّ الإنسان ظالم وجائر لهذا ليس لديّ أية رسالة لأقولها وليس لدي ما أتمناه وما أترجّاه..

منارة تليجاني